الاهلي الاسم والتاريخ

كنت أتمني أن يكون عنوان الموضوع الذي كتبه الأخ خليل بن دردف عن قضية أسم النادي ، ( صرخة في وجوه وآذان .....) وليس همسة عابرة ، لأنني علي يقين من أن جل الجماهير الرياضية في بلادنا وجماهير الأهلي خاصة تشعر بالآسي حيال الطريقة التي يتم بها تناول هذه القضية، وفي هذا المقام يحق للمرء أن يمنح محرري الصفحات الرياضية في صحف المؤسسة وصحيفة أخبار بنغازي أيضا ( شرف) صب الزيت علي النار فيما يخص هذه القضية.
القضية تنقسم إلي شقين أساسيين ، أولهما التاريخ الفعلي لتأسيس النادي وثانيهما اختيار الاسم. فبالنسبة للشق الأول وهو تاريخ تأسيس النادي ، يمكننا الأخذ بثقة واطمئنان الرأي القائل أن تاريخ تأسيس النادي هو تاريخ تأسيس القسم الرياضي بجمعية عمر المختار برئاسة المرحوم د. المهدي المطردي في عام 1943م {أنظر كتاب فيصل فخري تاريخ مسابقات كرة القدم الوطنية الجزء الأول صفحة 16}حيث يضيف الأستاذ فيصل فخري في نفس الصفحة من كتابه أن القسم الرياضي بجمعيةعمرالمختارأصدرجريدة باسم (برقة الرياضية) صدر منها العدد الأول في 27/8/1943م ثم أسس ( ألاتحاد الليبي لكرة القدم) {الذي أشرف علي العديد من المسابقات المحلية(تاريخ الرياضة في برقة لمفتاح الدراجي ص12) وعياد أدريزة صفحة (33) بالكتيب الصادر عن النادي الأهلي بمناسبة مرور خمس سنوات علي افتتاحه}،وهنا يجب التنبيه إلي أن ما يهمنا هنا هو ولادة هذه المؤسسة تحت أي مسمي كان ، أما رعاية جهة ما لنادي أو فريق فهو أمر كان سائدا في بلادنا في الأربعينيات وهو في هذا العصر أكثر انتشارا محليا أو دوليا. وتظهرفكرةتأسيس الاتحاد الليبي لكرة القدم رغبة القسم الرياضي في إيجاد جهة مستقلة ومحايدة تشرف علي تنظيم البطولات والمسابقات. ويذكر المرحوم الدراجي في الصفحة 19 من كتابه أن بطولة بنغازي للدرجة الأولي للعام 46/47 قد أقيمت بملعب البركة(الأهلي) ، أما الأستاذ فيصل فخري في الجزء الأول من كتابه{ تاريخ مسابقات كرة القدم الوطنية} وبالصفحة (28) فيذكر أن احتفالا قد نظم يوم 25/3/1945م بمناسبة افتتاح الملعب الأهلي بالبركة. ويذكر أيضا في الصفحة (31) أن الفرق المشاركة في موسم 47/1948 م كانت ( الطليعة والكشاف والشباب والأهلي..الخ ) وقد ذكر المرحوم عياد ادريزة في الكتيب الصادر في نوفمبر عام 1962م بمناسبة الذكري السنوية الخامسة لافتتاح النادي الأهلي في بنغازي في مقال بعنوان تاريخ كرة القدم في برقة وبالصفحة (33) أن القسم الرياضي بجمعية عمر المختار قد أفتتح الملعب (الأهلي ) بالبركة في عام 1945م ، وأن الفرق الرياضية التي شاركت في بطولة عام 1947م فكانت ( الطليعة ، الكشاف ، الأهلي، الاتحاد ، النجمة ، الوطن ، العمال) كل هذه الشواهد تدل علي أن القسم الرياضي بالجمعية كان يستخدم الاسم منذ عام 1945 م ، فأطلقه علي الملعب ثم علي فريق كرة القدم ومن ثم علي النادي أما التاريخ المتداول الآن وهو 1950م الذي هو تاريخ استقلال النشاط الرياضي والكشفي والثقافي عن جمعية عمر المختار فيمكن اعتباره تاريخ افتتاح النادي وليس تاريخ تأسيسه أخذا بما يشير إليه الكتيب الذي صدر بمناسبة مرور خمس سنوات علي افتتاح النادي ولا يمكن اعتباره تاريخ تأسيس النادي الذي جاء عقب صدور قانون الجمعيات و الذي حظر علي الجمعية ممارسة النشاط الرياضي والكشفي ، وأوجب ممارسة هذا النشاط عبر الأندية.
لقد نظم القسم الرياضي لفريقه (الكشاف) زيارة إلي طرابلس عام 1943 م بعد تطعيمه ببعض لاعبي فرق بنغازي ولعب تحت أسم منتخب بنغازي وأجري مباريات مع منتخب طرابلس ، حيث أنه ومن الواضح لم تكن هناك أندية تمتلك فرقا رياضية متكاملة (كرة قدم) لكن مؤلف كتاب تاريخ الرياضة في برقة يورد في الصفحة (188) أن منتخب بنغازي قد تباري مع فريق نادي الاتحاد ونادي الفيات بطرابلس عام1953م ثم رد الاتحاد الزيارة في نفس العام.
كما أنه يلاحظ إن فريق(القسم الرياضي) الذي شارك في البطولات المحلية في الأربعينيات من القرن الماضي باسم الكشاف هو نفس الفريق الذي واصل المشاركة تحت اسم الأهلي قبل عام 1950م. مع الأخذ في الاعتبار أن جميع الأندية قد نشأت في بداياتها كفرق لكرة القدم.
ما سبق سرده وبيانه لا يهبنا ذرة للشك في أن تاريخ تأسيس النادي الحقيقي هو تاريخ تأسيس القسم الرياضي عام 1943م الذي أستمر نشاطه حتى أصدرت وزارة الداخلية في(برقة) قانون الجمعيات ، فأصبح طبقا للقانون الجديد ناديا مختصا بالنشاط الرياضي ولا مجال هنا للقبول بفصل هذا الاستمرار والتتابع أو التطور في مسيرة النادي، ولعل قرار حكومة الولاية بوقف نشاط النادي في عام 1951 كان متوازيا مع قرار وقف نشاط الجمعية باعتباره القسم الرياضي بالجمعية.
إن الفصل بين تأسيس القسم الرياضي والنادي الأهلي هو مثل سلخ تاريخ نادي بنينة من نادي الطيران قبل تغيير الاسم أو نادي ميزران قبل تغييره إلي نادي الوحدة.إذ أنه لو لم يصدر هذا القانون لأستمر القسم الرياضي في نشاطه، كما أن الأشخاص الذين تولوا تسيير النادي من إداريين ورياضيين هم نفس أعضاء ولاعبوا القسم الرياضي.
الشق الثاني وهو صلب القضية ومحورها وهو حسم الجدال في من هو صاحب الحق في اسم الأهلي.فمن خلال الوثائق والحقائق المتاحة فإن الأهلي في بنغازي هو أول من أستخدم الاسم وأول من سجله لدي الجهات الرسمية في الدولة ناهيك عن مشاركته في المسابقات المحلية (في بنغازي) بهذا الاسم قبل عام 1950م، ففي الصفحة (19) من كتابه تاريخ مسابقات كرة القدم الوطنية يورد الأستاذ فيصل فخري أن نادي الاتحاد بطرابلس نظم بطولة عام1947/1948م لم يكن من بينها ذكر لفرق وطنية من الفرق المشتركة في هذه المسابقة سوي الاتحاد. غير أنه وفي صفحة (38) من نفس المصدر يذكر ألأستاذ فيصل فخري أن أول مسابقة لكرة القدم نظمت في طرابلس كانت في الموسم الرياضي 48/1949 قام بتنظيمها نادي الاتحاد أيضا بمشاركة فرق(.. الاتحاد الأحمر ، والاتحاد الأزرق والجيش البريطاني والماليتا المالطي واليوفنتس وشركة الأوليفيتي ) ولم يرد ذكر لأسم الأهلي علي الإطلاق أوأي فريق ليبي آخر في هذه البطولة باستثناء الاتحادين (الأحمر والأزرق) كما يذكر المرحوم مفتاح الدراجي في كتابه (تاريخ الرياضة في برقة)في الباب الرابع تحت عنوان رياضة الملاكمة والمصارعة بالصفحة 158 وما بعدها نتائج مقابلات لفرق من مدينة طرابلس زارت بنغازي في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي وتباري ملاكموها مع ملاكمو أندية بنغازي من بينها أهلي بنغازي فيورد أندية النجم والظهرة و(أوبل) والاتحاد والهلال الطرابلسي .
ويتبين من السرد السابق أن الاسم كان معروفا منذ عام 1945 م في بنغازي وأن فريقا باسم الأهلي كان موجودا في المدينة منذ موسم 47/48 بينما لم يظهر هذا الاسم في المسابقات المحلية في طرابلس إلا بعد ما يزيد عن خمس سنوات.
لا يوجد ذكر لألقاب أو بطولات لأهلي طرابلس حتى موسم 63/64م حيث نال بطولة المنطقة الغربية للمرة الأولي. في هذا الموسم أيضا كان أهلي بنغازي الأوسع شهرة محليا بطلا للمنطقة الشرقية غير أنها كانت البطولة الثانية علي التوالي إضافة إلي أربع بطولات لمنطقة بنغازي وبطولتان لولاية برقة مجموعها ثمان بطولات، أما علي المستوي العربي فيذكر الحاج عبد العالي العقيلي (الشخصية الأهلاوية المعروفة) أطال الله في عمره في اللقاء الذي أجري معه علي صفحات جريدة الأهلي والمنشور بالأعداد 36 وحتى 43 في الفترة من 19/1/1993م وحتى 26/7/1993م بموقع ( المشوار) أنه سافر عام1955 م إلي القاهرة للتباحث مع أندية عربية من مصر للتباري مع الأهلي البنغازي حيث كان من بينها الأهلي القاهري وفي شهر ناصر عام 1962م سافر الفريق الثاني إلي القاهرة وأجري مبارتين أحداها كانت تحت الأضواء الكاشفة وهو أول فريق ليبي يلعب تحت الأضواء الكاشفة. و حسب ما هو متاح لدينا من وثائق فلم يرد ذكر لفريق باسم الأهلي في طرابلس إلا بعد عام 1955م.حيث ظهرت بعد ذلك (أهالي) كثيرة في سبها ومصراته، مثلما ظهر ألاتحاد بدرنة وصار لزاما إضافة أسم المدينة التي يزاول فيها النادي نشاطه إلي اسمه.
عام 1973م خيٍل للجميع أن قرار اللجنة المكلفة بالنظر في تسميات الأندية وإلغاء الازدواجية والتشابه في الأسماء قد حسم الموضوع ونهائيا لصالح الأهلي البنغازي ،غير أنهم كانوا واهمون ، إذ استطاع القائمون علي نادي طرابلس الضحك علي اللجنة مثلما يضحك المصنعين الصينيين غلي ذقون العالم في تقليد البضائع( بإضافة أو حذف حرف للعلامة التجارية)، فحذفوا حرف (الياء)واختاروا اسم ( الأهل) وألغيت أسماء الأهلي والاتحاد في بقية المدن وعلي الرغم من أن مهمة اللجنة كانت منع الازدواجية والتشابه إلا أن طيبة قلوب القائمين علي النادي الأهلي بنغازي في ذلك الوقت اعتبروا أن ذلك انتصارا ، واكتفوا بالحصول علي ما يفيد بأحقيتهم في الاسم ،وقد كان من الأجدر الطلب إلي اللجنة حسم الموضوع وإزالة أي لبس وإلغاء الأسماء التي تشابه اسم الأهلي كما فعلت اللجنة مع أسم الاتحاد.
توالت بعد ذلك العديد من الأحداث علي عالم الرياضة في البلاد كتوقف المسابقات ثم استئنافها ، وأستعاد ( الأوراس) أسمه السابق وعاد دارنس ، و فشل اتحاد درنة في استرجاع اسمه وقنع باسم الأفريقي، الصفحات الرياضية في صحف المؤسسة عبر محرريها الذين لم يخفوا انحيازهم لعبت الدور الأساسي في دعم وجهة نظر نادي(الأهل) عبر أعادة تسميته بالأهلي ط ،وإطلاق الألقاب عليه كالموج الأخضر ونادي القرن وغيرها،بل أنها لم تكتف بهذا الحد بل أصبحت تشير إليه باسم الأهلي فقط، ونشير إلي الأهلي بنغازي بكلمة أهلي ب معطية الانطباع بأن الأهلي في طرابلس هو الأول والأقدم، وشاهدنا حافلة ( الأهل) وعليها عبارة تأسس عام 1950م، وهي خطوة تبدو لي أنها يقصد منها أن الأهليان ولدا في نفس العام وقد تتلوها الخطوة التالية في تجريد أهلي بنغازي من أسمه.
إن من أهم الأمور التي يجب التنبيه إليها إن الترخيص الممنوح للنادي ينص علي أن اسمه النادي الأهلي الرياضي الاجتماعي...............، وعنوانه مدينة بنغازي أما اسم بنغازي الملحق به أو حرف ب فإنها إضافات لا تعتبر جزءا من الاسم. كما أنه بمشاهدة شعار النادي الأهلي في بنغازي فستجد أن الاسم هو ( النادي الأهلي ) فقط بينما يظهر شعار النادي الأهلي في طرابلس مزينا بعبارة{ النادي الأهلي الرياضي طرابلس} ( نتائج مباريات الفرق المحلية مع الفرق الخارجية للأستاذ فيصل فخري الصفحات 205 و235) إن إضافة أسم بنغازي إلي اسم النادي الأهلي أمر مقبول لو أن هناك ثلاثة أندية أو أكثر تشترك في نفس الأسماء ، كالاتحاد والهلال والنصر وغيرها.
أنا لا أتفق مع الأخ خليل بن دردف فيما ذهب إليه من أن في ليبيا أهليان وأن كلآهما مضاف إليه مدينة. أنا أقول في ليبيا أهلي واحد فقط دون إضافات وأهل أو أهلي (فقط) وأهلي طرابلس، وان كان الأخوة في الأهل مصرون علي أن يتسموا بالأهلي فيمكنهم ذلك شرط أن يضيفوا أسم مدينة طرابلس.لكن الأهلي في بنغازي هو (الأهلي) بدون ب أو بنغازي.
أن اللجنة الشعبية للنادي مطالبة باتخاذ موقف جاد عبر إجراءات فورية يتم اتخاذها لضمان هذا الحق الذي هو ليس منحة أو صدقة تمن بها صفحة رياضية أو لجنة تجامل طرفا علي حساب آخر، إن التهاون في هذا الأمر سيؤدي إلي سلب النادي حقه في هذا الاسم حسبما المؤشرات التي تظهر بين الفينة والأخرى ومالم تستبق اللجنة ما يحاك ، فان الأمور قد تصبح أكثر تعقيدا ، وعلي اللجنة الشعبية أن تتعامل مع هذا الأمر مثلما تتعامل مع نتائج فريق كرة القدم الأول بالنادي، إذ أنه لايقل عنها أهمية.
الموقف يتطلب :
أولا: الالتجاء إلي القضاء الإداري لتوثيق الاسم كملك للنادي في بنغازي مجرد من أية إضافات إليه كاسم المدينة أو حرف (ب) مع حفظ حق النادي في مقاضاة من يستخدمه مجردا أو مضاف إليه اسم أو حرف أو يطلقه علي ناد آخر أو محل تجارى.
ثانيا: تسجيل الاسم والشعار كعلامة تجارية في السجل التجاري.
يصبح بعد ذلك من حق النادي فرض رسوم مقبولة علي المحلات التجارية التي تستخدم الاسم والشعار.
أقل ما يجب المطالبة به في هذا الصدد هو أنه وعند ذكر الأهلي يجب أن يذكر مجرد من أية إضافات في مراسلات الاتحادات الرياضية والصحف المحلية وبهذا نفهم أن ألمقصود هو الأهلي البنغازي، وإذا أحب الأخوة في طرابلس استخدام نفس الاسم فلا بأس من ذلك شريطة إضافة حرف ط أو كلمة طرابلس إلي الاسم وإلا فعليهم العودة إلي اسم (الأهل).
أرجو ألا يسيء الأخوة في نادي الأهل فهم هذه الكلمة وأن ما أوردته ليس للتقليل من دور نادي الأهل في مسيرة كرة القدم الوطنية ، وكما قال الأخ خليل بن دردف فنحن نعتز بأنديتنا جميعها .
ما دونه القلم وما لم يدون من تاريخ الأهلي في بنغازي وأحقيته في أسمه يعرفه القاص والدان وهو تاريخ لن يلغيه الاستناد إلي قصاصة صحيفة.
في مجال الرياضة، ليس من حق أحدالإستيلاء علي ماأحرزه الآخرين حتى ولو كان الأقوى والأكثر جاها ومالا كما قال الأخ خليل بن دردف./ بقلم / محمد حمامة.