بسم الله الرحمن الرحيم
مشهد بلا نهاية
في احدى شرفات احد الفنادق الفارهة المتواجدة في احدى الدول النفطية المطلة على الخليج العربي
يقف ممسكا بكوب من الشاي تفوح منه رائحة النعناع
يعشق وقت الغروب ويهوى تأمله منذا ان كان طفلا صغيرا
كان كأي طفل نشأ في حارة متواضعة من حواري مصر المحروسة
يفني يومه في لعب كرة القدم شتاءا على ارض ترابية ترتدي كساءا من الطين عند هطول المطر
وكذلك الحال في الصيف ووقتها قد بدلت الارض كسائها وارتدت جمرة من نار
لم يعرف وزملائه الاحذية وقتها !!
كثيرا ماجرح وكثيرا مانزف وشربت الارض من دمائه وتجرعت كثيرا من دماء زملائه
وعند اقتراب الغروب ينسى جراحه عندما يجلس على شاطيئ النيل
يلقى بعض الحجارة مداعبا ماء النيل لتطفو الحجارة على سطح الماء
وكان يجيد تلك المداعبة الى ان توقف عنها تماما دون سابق انذار !!!!
ففي احدى المرات واثناء القاء حجارته في النيل طفت احدى الاحجار على سطح الماء
عدة مرات لتستقر اخيرا في رأس احد الصيادين الذي كان مائلا بجسده من داخل قاربه
لينزع شباكه .. فاختلطت دمائه بالماء وانطلق صاحبنا مع زملائه والخوف والهلع يجري معهم قدما بقدم
ولم يعد يذهب الى النيل لفترة طويلة خوفا من مواجهة الصياد الجريح
ولكن حنينه الى مشاهدة الغروب من على شاطيئ النيل قتل الخوف بداخله وتجرأ وعاد للذهاب
مرارا وتكرارا
وكبر بفعل الزمن ونما جسده وتفرق الزملاء وكلا سار في دربه
وكما افلام الثمانينات ... يجلس على المقهى امامه فنجانا من القهوة وممسكا بجريدته
يقلب صفحاتها ويبحث مابين الكلمات بحثا عن وظيفة
فرصة عمل في احدى الدول النفطية ...
هكذا كان العنوان واخذ في قراءة التفاصيل
لما لا يسافر ويجرب حظه كمن فعلوا من قبل
ولكن من اين له بمصاريف السفر وهو مازال يأخذ مصروفه من والده الى الان برغم تخرجه منذ عدة سنوات
وكأفلام التسعينات تبيع الام ذهبها ويقترض الاب بعض المال من الاصدقاء والجيران
وينطلق صاحبنا الى المجهول
وها هو الان في المجهول يقف في شرفة احد غرف الفنادق الفارهة ممسكا بكوب الشاي
يتأمل لحظات الغروب التي اوشكت على الانتهاء ويوشك الماء على ان يبتلع قرص الشمس
كما ابتلعت الغربة بعض سنوات من عمره
وماذا حصد من الغربة
بعض الدينارات بعض الريالات
يفيق من شروده على صوت اجش ..
الم تنتهي بعد من تظيف زجاج تلك الشرفة ؟؟؟؟؟!!!!!
يسقط الكوب من يده وتلحقه بعض الدمعات
!!!!!!
سبحان الله وبحمده
سبحان الله العظيم